
قصة رائعة
عن الإيثار وحسن الظن بالله
حياتكم
أولي
في موسم الحج هبت نسمات معطرة من
مكة المكرمة والمدينة المنورة فحركت قلوب المؤمنين بالشوق واللهفة لحج بيت الله
الحرام وزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم وبدأت القبائل في الجزيرة العربية
والجماعات خارجها تستعد لتلبية نداء الله وأداء الفريضة المقدسة وأخذت التجهيزات
طابع الجد كلما اقترب شهر ذي الحجة .
كان ياسر شاباً متديناً يحب الله
ورسوله وكلما اقبل موسم الحج يطير قلبه من بين ضلوعه ليعيش في الأرض المقدسة
بوجدانه وخياله وكم تمني أن يحقق خياله علي ارض الواقع بالذهاب بنفسه إلى الكعبة
والحرم النبوي للحج والزيارة فبدأ يستعد الاستعداد الكافي، جهز الطعام ووضعه في
خرج وجهز الماء ووضعه في مجموعة قرب وجهز جملاً لحمل الزاد وجوداً ليركبه .
وفي يوم من أيام شهر ذي القعدة
ودع أهله وجيرانه من سكان الخيام وانطلق يقطع الأرض وقلبه يسبقه يكاد يقفز ليسير أمامه
وهو يردد التسبيح والاستغفار ويقرأ القرآن ويصلي علي النبي ويتمني أن تطوي له الأرض
طياً ليصل إلى الرحاب الطاهرة، وبينما هو مستغرق في هيامه وأشواقه وذكره إذ
بالجواد يصهل ويثب علي قدميه تنبه من شروده ليفاجأ بمجموعة من الرجال نائمة على
الرمال لا تتحرك في البداية ظن أنهم أموات، فنزل لیواري بهم التراب ويدفنهم ليصون
جثثهم عن الطيور الجارحة، لكنه دهش حينما وجد شفـاهـم متقرحة من العطش، وألسنتهم
لا تستطيع النطق لجفاف حلوقهم.. وعندما لمحه أولهم أشار إليه بيده جهة فمه يطلب
الماء ولم ينتظر وجرى مسرعا إلى قرية وصب لهم الماء في إناء صغير معه و سقاهم
کانوا سبعه رجال، سألهم عن سبب وجودهم بدون ماء في ذلك المكان قالوا إنهم ضلوا
الطريق ونفذ ما معهم من ماء ، ونفقت خيولهم، فاتجهوا إلى عدة جهات طلبا للماء فلم
يجدوا فسلموا آمرهم لله .
قاس عاصم في نفسه المسافة
المتبقية للوصول إلى مكة فوجد أنه لو أعطاهم الماء سيموت هو وجمله وجواده وإذا لم
يعطه الماء ماتوا هم، استغرق عاصم في تفكير طويلاً هل يفضل نفسه علي سبعة من
الرجال فيعيش ويموتون هم أم يعطيهم الماء ويموت هو، وبعد حوار طويل بينه وبين نفسه
قرر أن يعطيهم الماء ويدلهم علي طريق العمران ويبقي معه قربة ماء واحدة تكفيه
مسافة معقولة من الطريق فإذا صادفته قافلة ذاهبة للحج أو التجارة تزود منها بالماء
ويكون هذا أكرم وأفضل وإذا لم تصادفه قافلة فقد أنقذ حياة سبعة وفداهم بنفس وأجره
عند الله .
وبالفعل أعطى الرجال الماء ودلهم
علي الطريق وعاد هو في طريقه للحج وشوقه لحج بيت الله الحرام ومد يده تلقائياً إلى
قربة الماء ليشرب فوجدها خاوية، نظر إلى السماء وقال : يارب اللهم أنت تعلم إنني
لبيت نداءك في كتابك عندما قلت : ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق
شح نفسه فأولئك هم المفلحون ” اللهم إني اطلب منك إنقاذ نفسي وسوق الماء إلي،
اللهم ارزقني الماء لأودي فرائضك، دعا عاصم بهذا الدعاء وأحس بالرضا يملأ نفسه
وسار واثقاً بالله ومن استجابة الله لدعائه .
وفجأة عثر جواده وألقاه علي الأرض،
قام من وقوعه ونظر إلى الأرض التي عثر فيها الحصان فوجد ارتفاعاً غير عادي تحت
الرمل ووجد شيئاً غريباً، نباتات مخضرة
فوق الرمل، أزاح الرمل ففوجئ بصخرة مستديرة أزاح من حولها التراب حتى وصل إلى
أطرافها، فوجدها غطاء البئر فسأل الله أن يساعده فرفع تلك الصخرة لکشض البشر
والوصول إلى الماء و کم کانت دهشته حین وجد بها حلقتين متقابلتين قال في نفسه لابد
أن هذه الصخرة كان يحملها رجلان إنها مصنوعة خصيصاً لغطاء ذلك البئر، ترى هل هاجم
الطاعون تلك المنطقة فارتحلوا عنها بعد ما
أخفوا الماء أملاً في العودة إليها يوماً.. أيا كان السبب فلابد أن أحاول رفع
الغطاء وهداه تفكيره إلى ربط حلقة من الحلقتين – في حبل يجرہ الحصان بینما هو يجر
الغطاء من الحلقة الثانية وفى لحظات تحرك الغطاء و ظهر الماء فشرب وسقي جواده
وحصانه ، ، وترك البئر مفتوحة تحوم حولها
الطير وتدل عليها المسافرين والقوافل وحقق أمنيته وكان وهو يطوف حول الكعبة يقول
لبيك اللهم لبيك، لبيك يا من لا تضيع من يلجأ إليك، لبيك يا من تخرج الماء من جوف
الصخر لتنقذ عبداً يذوب شوقاً إليك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق