قصة الكنز الحقيقي - قصص | Stories

السبت، 20 يناير 2018

قصة الكنز الحقيقي


قصة الكنز الحقيقي
اجتمع الشيخ عبد الحليم عمران بأولاده الثلاثة سالم وسعد وسلمى ثم قال لهم : لقد جمعتكم اليوم يا أولادي لأعطيكم كل ما أملك وهو ثلاثة أشياء فاختاروا بينها .. أولاً : حقيبة كبيرة فيها كل ما جمعته من أموال وذهب، وثانياً : سفينة جديدة فيها كل وسائل الراحة ومجهزة بأحدث أجهزة الصيد ، وثالثاً وأخيراً : قطعة ارض كبيرة بعيداً عن البلد الذي نعيش فيه، وهذه الأرض فيها كنز كبير يحتاج إلى من يبحث عنه .
كان سالم الابن الأكبر هو أول من تكلم فقال : يا أبي إني أحب الصيد والترحال، فمن فضلك أعطني السفينة اعمل عليها وأسافر واري بلاد الله الواسعة، فوافق الشيخ عمران وأعطاه السفينة، ومن بعده قال سعيد : انا أريد الحقيبة يا أبي، فأنا أحب التجارة والبيع والشراء وسأبدأ بهذه الأموال مشروعاً تجارياً كبيراً، فوافق أبوه وأعطاه الحقيبة .. ” لم يتبق غير الأرض ” ، قالتها سلمى وهي حزينة وآسفة، قال لها الشيخ عمران : ولماذا أنت حزينة يا سلمى ؟ أنها ارض كبيرة تعيشين عليها أنت وأولادك وأولاد أولادك من بعدك، وان شاء الله لن تندمي .
قالت سلمي : ولكنها مهمة صعبة وشاقة يا أبي، فهي ارض كبيرة وبعيدة وتحتاج عملاً كثيراً، نظر إليها نظرة حب وعطف ثم أعطاها كيساً به حبوب قمح وقال : خذي هذه الحبوب وانثريها في الأرض، فسوف تجلب لك الخير يا سلمي، ذهبت سلمى إلى الأرض وهي غاضبة، أخذت معها حمارها الصغيرة والماعزة ، وبنت سلمى بيتاً صغيراً في الأرض يحميها من حرارة الصيف وبرد الشتاء .. كانت الأرض غير مستوية وغير ممهدة، فكانت تحفر فيها لتبحث عن الكنز كل يوم من الفجر حتى غروب الشمس، وكانت كلما انتهت من قطعة صغيرة بدأت في قطعة أخرى، وفي يوم جاءت ريح شديدة بعثرت كل شئ في الأرض والمنزل .
عادت سلمى إلي أبيها وقالت له وهي تبكي : جاءت ريح شديدة يا أبي وبعثرت كل شئ وردمت الحفر التي حفرتها، لقد ضاع مجهودي، ربت أبوها عليها وقال لها بحنان : عودي إلى أرضك واحفري مرة أخرى يا ابنتي الحبيبة، ستجدين الكنز بإذن الله .. عادت سلمي مرة أخرى إلى أرضها ورتبت كل شئ وبحثت عن كيس الحبوب فلم تجده ولكنها بدأت في الحفر مرة أخرى من الفجر حتى غروب الشمس، وظلت تحفر و تحفر حتى حدثت مفاجأة أخرى أزعجتها وأحزنتها، لقد اندفعت من باطن الأرض مياه غزيرة وغمرت وملأت كل الأرض .
عادت إلى أبيها مرة أخرى وهي تبكي ثم قالت له في صوت غاضب : أرأيت يا أبي ؟ ضاع الكنز وانتهي، فقد اندفعت المياه من باطن الأرض وأغرقتها، لن استطيع البحث والحفر في الأرض بعد الآن ، لقد تعبت، ضحك الأب وقال وهو يهلل : ما شاء الله، أنها بئر ماء يا سلمي، عودي فوراً وابني سوراً حول البئر واصبري حتى تجف المياه لقد أصبح الكنز قريباً جداً جداً .. عادت سلمى إلي أرضها فوجدت طيوراً تطير وتغرد حول المياه وبدأ بعض الجيران يأتون إليها ليأخذوا مياه من عندها، شعرت سلمي ببعض الرضا فلم تعد بمفردها هي وحمارها وماعزتها، بل أصبح هناك من يسليها في وحدتها .
انتظرت سلمي حتى جفت المياه ولكنها وجدت مفاجأة أخرى تنتظرها، جرت مرة أخرى إلى أبيها وقالت : لقد انتشرت في الأرض نباتات صغيرة، ولن استطيع أن اخلعها بمفردي يا أبي حتى ابحث عن الكنز، ضاع الكنز وضاع مجهودي .. فرح أبوها وقال لها : إنها بذور القمح يا سلمي، انتظري حتى يبكر الرزق وينضج القمح، لقد أصبح الكنز قريباً جداً جداً، عادت سلمي وحمارها وماعزتها وصبرت حتى أصبحت النباتات الصغيرة سنابل قمح صفراء ذهبية جميلة، جمعت سلمى سنابل القمح وظلت تنقلها علي حمارها الصغير وتضعها أمام منزل أبيها حتى أصبحت كومة كبيرة جداً، ثم قالت لأبيها : ها هي سنابل القمح يا أبي أحضرتها لك، وسوف أعود وأبداً في البحث من جديد عن الكنز .
قال لها أبوها في سعادة : بل ضعي السنابل في الجرن وادرسيها حتى تجمعي القمح في أحوله ثم اذهبي إلى المطحنة ليصبح دقيقاً، تذمرت سلمي ثم ردت عليه : لماذا كل هذا يا أبي ؟ إنني لن أجد وقتاً بعد ذلك لأبحث عن الكنز، درجت سلمي القمح ووضعته في أحوله ثم ذهبت به إلى المطحنة لصنع الدقيق، اندهش كل من شاهد محصول سلمى، انه وفير وكثير وسأل صاحب المطحنة سلمي : ماذا ستفعلين بهذا المحصول ؟ قالت : سأصنع خبزاً لي ولأبي ولإخوتي وجيراني، ولكنه محصول وفير وسيتبقي منه الكثير .
قالت امرأة كانت تعمل في المطحنة : انك فتاة ماهرة ومجتهدة، لقد زرعت اكبر محصول هذا العام، يجب أن تبيعي هذا الدقيق وسوف تحصلي علي مال وفير، عادت سلمى إلي أبيها سعيدة وقصت له ما حدث معها ، أجابها والدها في سعادة : هل عرفتي الآن ما الكنز يا سلمي ؟ أجابت : نعم يا أبي ، أنها الأرض والماء والشمس، والزرع الذي نأكله .. إن هذه الأشياء كنوز يجب أن نحافظ عليها، أضاف الأب : والإنسان هو اكبر كنز يا سلمي، فأنت كنز أعطاه الله لي، بعملك ونشاطك وإخلاصك نجحت في إيجاد الكنز الحقيقي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق