قصة الأمير والقاضي - قصص | Stories

السبت، 27 يناير 2018

قصة الأمير والقاضي


قصة الأمير والقاضي
أراد احد الأمراء أن يتحقق بنفسه من صحة ما قيل له عن وجود قاض عادل في مملكته لا يتمكن احد أبدا من خداعه، فتنكر الأمير في زي تاجر وامتطي جواده وانطلق إلى المدينة، وهناك اقترب منه رجل كسيح يطلب منه صدقه فأعطاه فإذا الكسيح يتشبث بردائه، التفت التاجر في تعجب إلى الكسيح وسأله عما يريده بعد أن أعطاه الصدقة، قال الكسيح : بلى لقد أعطيتني ولكن اعمل معي معروفاً وخذني إلى ساحة المدينة، فأجابه الأمير إلى طلبه وأوصله إلي ساحة المدينة إلا أن الرجل رفض النزول عن ظهر الجواد، فنهره التاجر قائلاً : لماذا ترفض النزول ؟ ها قد وصلنا إلى ساحة المدينة، قال الكسيح : ولم النزول والجواد ملكي ؟ استشاط الأمير غضباً من الرجل الكسيح واشتد بينهما الخلاف حتى تجمع حولهما الناس واقترحوا عليهما الذهاب إلى قاضي المدينة .
مضى الاثنان إلى القاضي والناس معهم، وبدأ الحاجب ينادي علي المتخاصمين حسب الدور، فاستدعي في البداية نجاراً وسماناً كانا يتنازعان نقوداً بيد التاجر، قال النجار : اشتريت من هذا سمنا، وعندما أخرجت محفظتي لأنقده الثمن ، أختطفها من يدي محاولا انتزاع النقود ، وهكذا جئنا إليك، يده علي يدي ومحفظتي ولكن النقود هي نقودي انأ، إما السمان قد قال : هذا كذب وافتراء، لقد جاء هذا النجار إلى ليشتري مني سمناً وبعد أن ملأت له الإبريق بالكامل طلب مني أن أفك له قطعة ذهبية، فأخرجت المحفظة ووضعتها علي الطاولة فأخذها وأراد الهرب ولكنني تمكنت من الإمساك به من يده وجئت به إلى هنا .
صمت القاضي مفكراً ثم قال : اتركا النقود هنا واحضرا غداً، وعندما حان دور التاجر والكسيح، قص التاجر ما حدث ، ثم أشار القاضي للكسيح أن يأتي بحجته، فقال الكسيح : كل هذا كذب، لقد كنت ممتطيا جوادي في ساحة المدينة، أما هذا الرجل فقد كان جالساً علي الأرض، وطلب مني أن احمله فسمحت له بركوب الجواد ونقلته إلى المكان الذي يريده ولكنه رفض النزول بعد ذلك وادعي أن الجواد ملكه، فكر القاضي قليلاً ثم قال : اتركا الجواد عندي واحضرا غداً .
وفي اليوم التالي اجتمع المتخاصمون في المحكمة للاستماع إلى حكم القاضي، فتقدم النجار والسمان أولا لمعرفة الحكم، قال القاضي للنجار : النقود ملكك، ثم أشار إلى السمان قائلاً : أما هذا فاضربوه بالعصا خمسين مرة، ثم استدعي القاضي التاجر والكسيح وسأل التاجر : هل تستطيع معرفة جوادك من بين عشرين جوادا؟ قال التاجر : نعم، فسأل القاضي الكسيح نفس السؤال فأجاب نعم، اخذ القاضي الاثنان إلى الإسطبل فأشار التاجر علي الفور إلى جواده الذي ميزه بين عشرين جواداً وكذلك تعرف الكسيح علي الجواد .
عاد القاضي إلى المحكمة وقال للتاجر : الجواد جوادك فخذه، أما الكسيح فاضربوه بالعصا خمسين مرة، بعد انتهاء المحاكمة ذهب القاضي إلى بيته، فتعقبه التاجر، التفت إليه القاضي وسأله عن الذي يريده، أجاب التاجر : لقد أردت أن اعرف كيف علمت أن النقود ملك للتاجر وان الجواد لي ؟ قال القاضي : أما أمر النجار والسمان ، فقد وضعت النقود في قدح ماء ، ثم نظرت اليوم صباحا إلى القدح لأرى ما إذا كان السمن طافيا على سطح الماء، فلو كانت النقود عائدة للسمان ، لكانت ملوثة بيديه الدسمتين ولطفا السمن في القدح، وإما معرفة مالك الجواد فكانت أصعب بالنسبة إلي، حيث أن الكسيح أشار مثلك إلى الجواد علي الفور، ولكنني لم أقدمكما إلى الإسطبل لأري إن كنتما سوف تتعرفان علي الجواد، بل فعلت ذلك لأرى أيكما سيتعرف عليه الجواد، عندما اقتربت أنت منه التفت برأسه ، ومده إليك ، وعندما اقترب الكسيح إليه رفع أذنيه وقائمته مستنكرا ، وبهذه الطريقة عرفت انك صاحب الجواد .
في هذه اللحظة قال التاجر : انا لست تاجراً، بل أنا أمير البلاد وقد جئت إليك لأعرف حقيقة ما يقال عنك، وها أنا رأيت بنفسي انك قاضي حكيم وعادل فاطلب منى ماشئت لأكافئك به، قال القاضي: شكرا لك أيها الأمير، فأنا لا أحتاج مكافأة على أداء عملي بصدق .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق