قصة بكاء الصياد - قصص | Stories

الأربعاء، 14 مارس 2018

قصة بكاء الصياد



روى الأجداد.. أنَّ شتاءً بارداً جدَّاً حلَّ بلداً في أحد السِّنين حتَّى تراكمت الثُّلوج في البساتين, و غطَّت الأشجار وأسطحة المنازل و الطُّرقات, و قبع النَّاس في مساكنهم لم يخرجوا؛ طلباً للدِّفء, و أوت الحيوانات إلى أوكارها و أعشاشها..

بعد أن بحثت عن طعامٍ لم تجده, و أضرَّ البرد الشَّديد بالطُّيور, فلم تعد تقدر على الطَّيران. و كان المحسنون الطَّيِّبون يتنبهون إلى ذلك فيقدِّمون الطَّعام للعصافير الصَّغيرة الَّتي لا تحتمل البرد, فينثرون أمامها الحبوب أو فتات الخبز.. فتتجمع لتأكل و تعود إلى أعشاشها, و قد اعتادت على ما يصنعه المحسنون كلَّ يومٍ فتبتهج, و تتجمَّع قبل حضورهم, و تأنس بهم, و ترفرف فوق رؤوسهم كأنَّها تشكرهم بما يفعلون.
تنبَّه أحد الصَّيادين الأشقياء إلى عمل المحسنين, و رأى فيه فرصةً له كي يستغلَّها و يصطاد العصافير المسكينة قبل حضور المحسنين بطعامهم, فحضر يوماً و معه حبوب, أخذ ينثرها للطُّيور التي وثقت به, و جاءت إليه كعادتها مع المحسنين لتلتقطها .. و سرعان ما راح الشقيّ يقبض عليها الواحد بعد الآخر, و يضعها في جعبته التي امتلأت من العصافير الجائعة.
تساءلت العصافير و هي في ظلمة الجعبة: كيف تغيَّر النَّاس؟ و لماذا تغيَّروا؟ و ما الذي غيَّرهم؟ مع أننا لم نتغير معهم, و ما زلنا نغرد لهم بأصواتنا الشَّجية, فقال أحدهم لعلَّ هذا الرَّجل أراد أن يدفئنا من البرد, و يحافظ علينا, و أخذ كلُّ عصفورٍ يعطي رأيه بهذا الحدث.. و كلُّهم يحسن الظَّنَّ بالرَّجل.
وصل الرَّجل إلى داره, و فتح جعبته في غرفةٍ صغيرةٍ, أحكم إقفال بابها و نوافذها, و راح يذبح العصافير واحداً بعد الآخر.. و كانت دموعه تسيل على خدَّيه من البرد الشَّديد, يمني نفسه بوجبةٍ دسمةٍ شهيَّةٍ من لحوم هذه المخلوقات الصَّغيرة الوديعة.
قال عصفورٌ لأخيه الكبير: انظر ما أرحم هذا الرَّجل, إنَّه يبكي شفقةً علينا, فقال له أخوه: لا تنظر إلى دموعه الَّتي تسيل, و انظر إلى ما تفعل يداه.. ألم تسمع بدموع التماسيح يا أخي؟! إنَّها تأكل فريستها و عيونها تدمع.
الحكمة:
لا تنظروا إلى فصاحة المتكلم مهما كان ولا إلى وعوده، ولا إلى دغدغة مشاعر الجماهير.
وانظروا إلى أفعاله، وكما قال العصفور الذكي:
" لا تنظر إلى دموع عينيه، ولكن انظر إلى فعل يديه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق