قصة أرجوك أنقذني
في قرية فقيرة تقع عند أطراف الغابة ، خرج
الصبي مسرور من بيته الصغير إلى الغابة ، يجمع بعض الثمار للطعام ، لاحظ مسرور أن
الأشجار كلها بلا ثمار ، فظل يمشي ولایدری الی این تقوده قدماه ، یبحث عن ثمار یأکلها
حتی هبط الظلام، ولم یفق الی نفسه حتی اصطدم بشجرة ضخمة ، وتنبه إلى ما حوله ،
فراح يحدث نفسه : انه وسط مکان لم يدخله من قبل کما لم یعثر بعد علی أیة ثمار ... فماذا
جری ؟ لقد تعبت .. لكن على أن أخرج من
هذه الغابة ، ولکن کیف ؟ و الظلام شدید ، فلابد ان انتظر طلوع ضوء النهار حتی أجد
طریقي ، وربما أجد شیئا في هذا المکان أکله أسد به رمقی .
فجأة سمع مسرور صوت استغاثة يأتي من تحت قدمیه
، وأطل فاذا بحفرة عميقة ينطلق الصوت من داخلها ـ فحمد الله كثيرا حيث لم يقع فيها
، كان صاحب الصوت يقول : انقذني بالله عليك .. النجدة يا من تسمعني .. النجدة
النجدة ! لم ير مسرور شيئا لأن الحفرة كانت شديدة الظلام ، فقال في نفسه : ما هذا
؟ إنه صوت إنسان : لابد أنه وقع في حفرة حفرها الصيادون ومرة أخرى عاد الصوت يقول :
أخرجوني من هذه الحفرة ، وسأعطيكم مائة قطعة ذهبية ، لم يصدق مسرور ما يسمعه،
فأسرع بإحضار غصن شجرة طويل ، ومد يده فأدلاه إلى داخل الحفرة وهو يقول : تعلق بهذا
يارجل ، سأسحبك من الحضرة بشرط أن تفي بوعدك ، سحب مسرور الغصن بقوة ، بعد أن شعر
بثقل من یتعلق به ، وراح یتراجع الى الخلف في جهد کبیر ، فلابد أن من يتعلق بالغصن
كان ثقيلا ، وفجأة انطلقت من فمه صرخة هائلة، عندما رأى ذئباً كبيراً يقفز من داخل
الحفرة وينطلق إلى أعماق الغابة ، فترك مسررو على الفور فرع الشجرة يسقط من يده ،
غير مصدق لما رآه . تأمل مسرور ما حدث واليأس يملأ قلبه وقال : ما هذا ياربي ؟
حتی الذي وعدني بالمال کان ذئبا؟ ثم استدار
لیبتعد من هذا الکان، ولکنه سمع مرة أخری صوت انسان محبوس في الحفرة : أرجوك یا سیدي
لا تترکني هنا ، أنقذني وسوف أعطیك مائتی قطعة ذهبیة ، دهش مسرور و قال في نفسه : مائتی
قطعة ذهبیة تستحق المحاولة ، ولكن من الذي خرج من الحفرة ومن الذي فيها؟ ومرة أخرى
أسرع مسرور وأحضر فرع الشجرة ومده إلى داخل الحفرة ، فلما شعر بتقل الفرع راح
يسحبه وهو يشعر أن هناك من تعلق به ، وكانت المفاجأة هذه المرة أشد من المفاجأة
الأولى ، فقد خرج من الحفرة قرد كبير، وبمجرد خروجه قفز إلى أعلى الأشجار واختفى،
ومضی مسرور في طریقه يضرب الارض بقدمیه غاضبا، ليبتعد عن هذا المكان العجيب ، إلا
أنه توقف من جديد عندما وصلت إلى مسامعه صرخات : أيها الإنسان الشجاع أنقذني .. أنقذني
وسوف أمنحك ثروتي کلها.
التفت مسرور وهو يقول : صوت من هذا ؟ من أنت
؟ قال الصوت : أنا أغني أغنياء هذه البلاد ، وعندي ثروة كبيرة ساهبها لك إن
أنقذتني . وأسرع يبحث عن فرع الشجرة ، ثم مد به يده إلى داخل الحفرة ، فلما تأكد
أن هنالك من تعلق به راح يسحبه بکل قوته ، و هو یتراجع للخلف في جهد کبیر، و في
هذه المرة ظهر له رجل يتعلق بفرع الشجرة .. وما إن خرج من الحفرة حتى احتضن مسرورا
وراح يشكره ، سر مسرور هذه المرة لأنه وجد أمامه إنساناً حقا ، وعليه أن يفي بوعده
. وقف مسرور يحلم بأنه أصبح الآن يملك قصراً وحديقة وحقولاً، ولكنه عقد العزم في
نفسه على أن يقتسم الثروة مع الرجل صاحبها ، ويكفيه هو نصف الثروة فقط ، سأل مسرور:
متی تنفذ وعدك ، وأمتلك ثروتك یاسيدي؟ أجاب الرجل مندهشاً : ماذا؟ آه.. غدا ، غدا
بالطبع ، ساذهب الان و علیك أن تحضر لمقابلتي غدا في قصري ذي اللون الأخضر
بالمدينة . و مشی الرجل و هو یفکر ... لقد قطع هذا الوعد علی نفسه بتأثير الخوف
والرعب في الحفرة .. حفرة الموت ، ولكن ما الذي يدعوه الآن لأن يتنازل عن ثروته
وقد خرج من الحفرة سالماً ، نام مسرور تلك الليلة غارق في أحلام عريضة..
وفى الصباح انطلق إلى القصر الأخضر ، وهناك
استقبله الرجل وقال له : مرحبا بك يا مسرورا في الحقيقة عندما کنت في الحفرة، و
کان الموت یتهددني وعدتك بثروتي كلها، ولكني الآن وقد عدت سالما سأعطيك أجرا عشرين
قطعة ذهبية فقط ، رفض مسرور أن يمد يده و قال : لا یا سیدي ، لقد وعد تني و علیك
أن تفي بوعدك، وأنا لا أطمع في ثروتك كلها ، سوف أترك لك نصفها ، قال الرجل الثري
في سخریة : ما هذا الکرم یا مسرور ؟ ثم نادى الرجل خدمه وقال : ألقوا بهذا الرجل
خارج القصر ، هتف مسرور وهو يلقى خارج القصر ، وقال : سألجأ إلى القاضي لآخذ حقي
منك .
وأمام القاضي مثل الرجل الثري ومسرور ، وقال
الثري : أنا لا أنكر أن مسرورا أنقذ حياتي ، ولكن أيعني هذا أن أعطيه ثروتي کلها،
أنا لم أعده بشيء مثل هذا. وعلیه سوف أعطیه عشرین قطعة ذهبیة مکافاة له راح القاضي
یفکر ویزن الأمور ، فلم یکن هناك شاهد مع مسرور یشهد علی ما وعد به الرجل الثري ،
فقال: لا بأس أیها الرجل ، ولكن ضاعف المبلغ واجعله أربعين قطعة ذهبية ، لم یکن
أمام مسرور بالا القبول ، فأخذ المبلغ و فتح کفیه و نظر الی السماء و قال : اشهد یارب
علی ما جری ، و خذ لي حقي من هذا الرجل ، والحمد لله على كل حال .. أخذ مسرور
الأربعين قطعة ذهبية وبدأ بها تجارة صغيرة ، فكانت فاتحة خير له فضاعفها الله مرات
ومرات
وذات يوم جاءت سحابة كبيرة وألقت بظلالها
على مزارع الرجل الثري ، وسمعت صيحة خوف من المزارعين في حقوله تقول : الحراد .. الحراد
.. ! وبدأت المقاومة تشتد ضد غارة الجراد .. وما انتهت غارة الجراد إلا وقد جلبت
البوار لحقول الرجل الثري و خسر معظم ٍأمواله ، فتذکر دعوة مسرور عليه ، وكيف صار
حاله ؟ فندم أشد الندم لأنه لم يف بما وعد مسروراً به ، وأنكر ما قاله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق