الكلمة الطيبة صدقة - قصص | Stories

الثلاثاء، 30 يناير 2018

الكلمة الطيبة صدقة


الكلمة الطيبة صدقة
ذات ليلة من ليالي الشتاء الباردة، كانت السماء تمطر بشدة وكان الناس في الشوارع يركضون محاولين الوصول إلى منازلهم بأقصى سرعة وهم ممسكين بمظلات تحميهم من الأمطار، والبعض يركض وهم يحتمون بسترتهم المصنوعة من الجلد، في هذا الجو شديد البرودة كان هناك رجل واقف كالصنم لا يتحرك، ملابسه رثة ويبدو عليه الفقر شديد الوضوح، وقف دون أن يتحرك حركة واحدة ولم يحاول الاحتماء بأي شئ من الأمطار حتى أن البعض ظنه تمثالاً، كان شارد الذهن ودمعة تبعث الدفء علي خده .
نظر إليه احد المارة باستحقار وسأله في سخرية : ألا تملك إي ملابس أفضل من هذه ؟ ووضع يده في محفظة النقود الخاصة به وقال له في تكبر وازدراء : هل تريد شيئاً ؟ فقال له الرجل بكل هدوء : أريدك أن تغرب عن وجهي ! فما كان من المار إلا أن ذهب غاضباً وهو يتمتم : تباً لهذا المجنون ، جلس الرجل تحت المطر لا يتحرك حتى توقف المطر تماماً، بعد ذلك ذهب إلى احد الفنادق في الجوار فأتاه موظف الاستقبال قائلاً : لا يمكنك الجلوس هنا ويمنع التسول رجاءً انصرف في هدوء، فنظر إليه الرجل واخرج من سترته مفتاح عليه رقم b 1 (( رقم 1 هو أكبر وأفضل جناح في الفندق حيث يطل على النهر )) ثم أكمل سيره إلى الدرج والتفت إلى موظف الاستقبال قائلا : ” أنا سوف اخرج بعد نصف ساعة، فلا جهزت لي سيارتي الرولز رايس من فضلك ” ثم انصرف دون آن يقول كلمة أخرى .

صعق موظف الاستقبال ووقف لا يدري ماذا يفعل، فحتى جامعي القمامة يرتدون ملابس أفضل من هذا الرجل، فكيف يكون بكل هذا الثراء، ذهب الرجل إلى جناحه وبعد مرور نصف ساعة، خرج رجل ليس بالذي دخل في شئ، يرتدي بدلة فاخرة وربطة عنق وحذاء يعكس الإضاءة من شدة نظافته وبريقه، لا يزال موظف الاستقبال في حيرة من أمره لا يعرف ما سر هذا الأمر العجيب، خرج الرجل راكب سيارته الرولز رايس، ونادي الموظف قائلاً : كم راتبك ؟ قال الموظف : 3000 دولار يا سيدي، فسأله الرجل : هل يكفيك ؟ قال الموظف : ليس تماماً يا سيدي، فقال الرجل : هل تريد زيادة ؟ الموظف : ومن لا يريد يا سيدي؟ قال الرجل : أليس التسول ممنوع هنا ؟ رد الموظف في حرج شديد : بلى ، فقال الرجل : تباً لكم، ترتبون الناس حسب أموالهم .. فسبحان من بدل سلوكك معي في دقائق وأردف : في كل شتاء أحاول أن أجرب شعور الفقراء …أخرج بلباس تحت المطر كالمشردين ..كي أحس بمعاناة الفقراء ! أما انتم فتباً لكم، من لا يملك مالاً ليس له احترام ولا تقدير وكأنه خلق عاراً علي هذه الدنيا، إن لم تساعدوهم فعلى الأقل لا تحتقروهم ، فليسوا اقل منكم في شئ، والكلمة الطيبة صدقة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق